الملك عبد الله يهزم الفساد بالضربة القاضية!!
بقلم ـ محمد فــوده
لم أكن أتوقع هذا الاهتمام الكبير من جانب وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئى بما كتبته الأسبوع الماضى عن القرارات الحاسمة التى أعلنها جلالة الملك عبد الله العاهل الأردنى لملاحقة الفساد والمفسدين فى المملكة الأردنية الهاشمية.
المقال تناقلته وسائل الإعلام وألقت الضوء عليه بشكل لافت للنظر حيث لا يختلف اثنان على أن قضية ملاحقة الفساد تحتل الأولوية الكبيرة في اهتمامات الناس ، بل أنها ربما تكون هى القضية الأهم لما لها من تأثير مباشر على الوضع الاقتصادي وعلى المستوى المعيشي للناس.
لقد حرصت فى مقالى على الإشادة بتلك الإجراءات الحاسمة التى اتخذها جلالة الملك عبد الله فى إطار ملاحقة الفاسدين والتى بلغت ذروتها بإحالة أكثر من 300 شخصية عامة إلى جهات التحقيق بتهم الفساد وتوقفت كثيراً أمام مفاجأة من العيار الثقيل تمثلت فى أنه من بين هؤلاء المتهمون بالفساد توجد حوالى 70 شخصية كانوا قد تولوا من قبل مناصب مهمة فى المملكة تصل الى الحقائب الوزارية.
والحق يقال فإنه لم يكن الأمر غريباً على الملك عبد الله بأن يقوم بمثل هذا القرار الشجاع لأنه وصلت به الشفافية والوضوح الى حد أنه قدم للرأى العام تقريرا بكل ما يمتلكه من أراضى وهو نوع من المصارحة والمكاشفة للشعب وذلك كاجراء حاسم للتصدى لما أصبح يهدد السلام الإجتماعى بين افراد المملكة حيث أن المملكة منذ فترة ليست قصيرة كانت تعاني مثل غيرها من دول المنطقة من تفشى الفساد وسرقة المال العام وكانت خطوات مكافحة الفساد ـ للأسف الشديد ـ تسير ببطء شديد ورغم وجود هيئات ومؤسسات تعنى بمكافحة الفساد الا أن الأمر كان يحاط بإجراءات رادعه ضعيفة ضد الفاسدين بل وبشكل يفتقد إلى الحزم والجدية.
إن الرسالة التي وجهها جلالة الملك للجميع بتلك اللغة المباشرة التى لا تقبل التأويل والتفسير ، لم تكن فى حاجة الى توضيح لأنها موجهة الى الجميع مواطنين ومسؤولين ومضمونها فى حد ذاته يؤكد أنه لا احد فوق القانون مهما كان هذا الشخص لدرجة أن مؤسسة الديوان الملكي نفسها أصبحت خاضعة لمساءلة الجهاز المنوط به مكافحة وملاحقة الفساد كما أنه اعلن وبكل وضوح أنه لا احد فوق المساءلة حتى لو كانوا من اقاربه شخصيا ً أو اقارب الملكة رانيا التى هى بحق ملكة قريبة من الشعب بكل ما تحمله الكلمة من معنى فقد أستطاعت بتصرفاتها النبيلة والمحترمة أن تحفر لنفسها مكانة مرموقة فى قلوب البسطاء من ابناء الأردن.
واستمراراً لما كتبته من قبل فى هذا الشأن أكرر وبكل وضوح أننا نقف أمام إرادة سياسية حازمة وواضحة في مكافحة الفساد وتجفيف منابعه لحماية المجتمع من هذه الآفة الخطيرة واستمراراً لمبدأ تكريس الشفافية وسيادة القانون.
إن ردود الأفعال الايجابية التى لمستها ممن تابعوا المقال تدفعنى الى مناشدة جلالة الملك باستكمال تلك المنظومة الرائعة فى ملاحقة الفاسدين والمفسدين كما أطالب المسئولين عن المؤسسات المالية وعلى وجه الخصوص رؤساء البنوك الكبرى لمد الجسور مع رجال الأعمال والمستثمرين الذين تعثروا وكانوا ضحايا للإدارات السابقة فى تلك البنوك فقد شهد عدد كبير من البنوك بالأردن خلال الفترة الماضية العديد من حالات الانحراف المالى والممارسات اللاأخلاقية فى تضييق الخناق على عدد من المستثمرين لإرغامهم على الخروج من السوق الأردني والابتعاد عن المملكة لإفساح المجال لرجال أعمال ومستثمرين مشبوهين ومتورطين فى قضايا فساد فاحت رائحتها وأزكمت أنوف الجميع..
ومن وجهة نظرى فإن حل المسائل المعلقة فى سوق المال الأردنى ليست بالصعبة ولا مستحيلة .. فهى فى حاجة فقط الى رغبة صادقة من المسئولين عن البنوك لتوفير المناخ المناسب لتوفيق أوضاع المتعثرين خاصة بعد أن أصبحت الشفافية عنواناً للمرحلة الحالية التى أفرزتها القرارات الجريئة للملك عبد الله فى ملاحقة الفساد ورفع غطاء الحماية عن أى شخص تثبت إدانته فى اهدار المال العام أو سرقته تحت أى مسمى لا أخلاقى.
وفى نفس السياق فإننى أثق كل الثقة فى قدرة معالى الدكتور بسام الساكت رئيس هيئة الاوراق المالية بالأردن على المضى بخطى كبيرة نحو توسيع نطاق الاستفادة من كل المستثمرين الجادين الذين كان لهم أياد بيضاء على سوق المال الأردنى وعلى انعاش بورصة عمان من قبل ، فالرجل معروف عنه حسن الخلق والنزاعة والموضوعية فى الحكم على الأشياء وتقدير الأمور حق قدرها .. فضلا عن ذلك فإنه لديه رؤية ونظرة ثاقبة جعلته يحظى بحب واحترام كل من تعامل وما يزال يتعامل مع سوق المال الأردنى.
\
اننى لم أكتب كلمة فى أى يوم من الأيام دون أن أكون مقتنعاً بها ، لذا أقولها وبكل إصرار لكل من هاجمنى وهاجم مقالى السابق أننى لن ترهبنى ولن تقلل من حماسى تلك الأكاذيب التى تصدر عن ضعاف النفوس ، وهو مبدأ ألتزم به تجاه قرائى الأعزاء ووفق ما يمليه ضميرى المهنى والإنسانى على حد سواء.