لا تكن رقمًا .... بل كن انت! ..... بقلم الأب يوسف جزراوي

لا تكن رقمًا .....بل كن أنت!

أكد لي مرارًا وتكرارًا ان قيمته وسعادته في الحياة تكمن في المال ، وبواسطته سيحقق اهدافه من زواج ورفاهية حياة ( الفلوس تجيب العروس) وكل مايتمناه ....

كنتُ اراها حزينة مكتئبة لتقول لي : "اريد ان اكون مثل سائر صديقاتي الفتيات .... ان اعيش ببحبوحة عيش رغيد وان ألبس عل مودة ( افخر الثياب) واجمل نفسي بالمكياج الجميل واحمّل قصة الشعر العصرية، وان يكون لي زوج وسيم وصغير العمر ، غني ماديًا وان يكون في احدى دول الفردوس اوربا ، امريكا، كندا ، استراليا....".

مسكينة هي هذه الفتاة، أنها تريد ان يكون وضعها شأن صديقاتها وتذكر لي الاسماء ولا زالت تقيس وتقارن نفسها بالاخرين ....
فأنتابتني ابتسامة برئية وقلت لها اكملي .... فقالت: لماذا صديقتي لها كل هذا وانا ليس لي ....

صمتُ لوهلة مفكرًا متحيرًا متالمًا عليها.... وبعد سويعات دونتُ هذه الخاطرة !
إنها تريد ان تكون ( مثل) ان تكون مُقلدة، إنها تريد ان تكون رقمًا بين مليارات الارقام من البشر، وتجعل من ذاتها نكرة وجود.... ولا زالت ترفض ان تكون ( هي) .... وهذه هي مشكلة مُعظم الناس في كل الازمنة وعلى ممر العصور ....

سعادتك وقيمتك ايها الإنسان ليست في المال او الزواج او بتقليد الاخرين او العيش في دول الفردوس. الكثير متوفر لهم كل هذا ، والكثير تراه يفتخر بتقليد هذا وذاك .... لكنهم غير سعداء وليس لديهم حضور فعال في الحياة!
عظمتك تكمن في ذاتك ايها الإنسان.... فأنت انت... وإنك فريد وحيد.... وهنيئًا لك اذا اكتشفت ثرواتك وخصوصيتك الذاتية....
عرفته فنانًا صغيرًا مبتدأ فشجعته ووقفت لجانبه .... لكنه فشل فنيًا لانه حاول ان يقلد ( هـ) من الفنانيين .... لم يعطي ويقدم مالديه من مواهب وابداعات، بل ابتدا بمنجزات الاخرين وظل مقلدا ولم يكون له هوية فنية خاصة به، وهذه كانت طامته الكبرى ففشل !وعلل فشله بالمكان والاشخاص والظروف والمادة .... متنكرا للاسباب الحقيقية...التي تكمن في تقليده للآخرين....

وقبل الانتهاء من كلماتي هذه اقول:
قيمتك كأنسان وسعادتك ليس حيث تكون ومع من ستكون ، بل كيف ستكون! ، فالمكان لا يصنع الاشخاص ولا يصنع الابطال ....
فقيمتك داخل ذاتك لا خارج عنها .... متى وعيت هذا ستدرك خصوصيتك الذاتية وستنتج وتثمر وتبدع وستدخل التاريخ.

من كتاب ( ومضات) للأب يوسف جزراوي

العراق كركوك

لندا قرانا

امريكا

موضوع معبر وبقمة الرووووووووعة عاشت الايادي اختي العزيزة لندا

نورتِ المنتدى وننتظر المزيد من مشاركتكِ الرائعة

» سرُّ الإبتسامة..... الأب يوسف جزراوي
» الإنسان ليس بداية ونهاية ..... الأب يوسف جزراوي
» العدوان بقلم الدكتور صالح بن سليمان الحربي
» المُسامحة ضد منطق البشر .... ولكن! الأب يوسف جزراوي
» من كتاب ( تأملات من حياة كاهن ) للأب يوسف جزراوي( الحياة واقع جميل)