الإنسان ليس بدايةونهاية.....
إتذكر وبألم دموع تلك المرأة التي كانت مثالاً يحتذي به الاخرين بتقواها وخشوعها إزاء وفات ابنتها لندا وهي في عمر الورد إبنة 22عامًا لا أكثر .... انها دموع صدمة الفراق المُفأجى!
ولا زلت اتذكر تلك الفتاة وخدماتها في مساعدة الناس على الجلوس في كنيسة القديسة تريزا للكدان في دمشق ،حيث كانت تستقبلهم بإبتسامة مشرقة نابعة من قلبها الطيب، وتبذل قصارى جهدها لا يجاد لهم مكانًا للجلوس في الكنيسة ، لكنها رحلت قبل اوانها الى دار البقاء .... !فدفنت في قلب كل من عرفها ..... لما تركته من بصمات خالدة اثناء حياتها القصيرة. ( رحمها الله).
لقاء وفراق هذا هو واقعالحال! إذ أننا في كل لحظة تمر من حياتنا نودع فيها الكثير والكثير منالاحداث والاشخاص. فأنها الحياة التي تفرق بيننا وبين من أحببناهم وعاشرناهم وباتواجزءًا منّا. فأنك عندما تمر بخبرة رحيل أو فقدأن شخص عزيز، مَسّك بحضوره وأثر فيك( كالسفر ، الانتقال من مكان إلى آخر ، الموت ....) تصعب الحياة وتغدو مظلمة ، وربماينتابك اليأس ، وحينما يعشعش اليأس في قلب الإنسان تبرز السماء غيومها لتبكي علىالأرض حزنها . وهنا يأتي دور الإيمان العميق في تجاوز هذه الحالة.
نحن الُقينافي هذه الحياة دون ان يأُخذ رأينا ودون طلب منّا ، ونغادر هذه الحياة بدون مشيئتناورغبتنا ..... ولكن لوجودنا رسالة ومعنى، فلكل منّا رسالة في هذه الحياة ! فأسعى لتكونَ من الخالدين واحفرلأسمك البقاء المجيد.
لكن هذا لم ولن يتحقق فيناان لم يكن لنا:_ علاقة شخصية (علاقة حبّ) معالرب يسوع. هناك الكثير من الناس يذهبون إلى الكنائس ويدّعون أنهم مسيحيون .يصلونويصومون ويتصدّقون ... لكنهم يعملون كل هذا من باب الواجب الديني ولا يمتلكون علاقةصحيحة مع المسيح ، وهم اشبه بالشاب الغني في انجيل (مرقس 10_17). لذا خلودنا في المسيح).
_عندما تعي ذاتك ورسالتك في الحياةستكون ذا اثرًا ، وهذا هو الخلود ،بمعنى أنك في حياتك تلتقيوتمر في حياة الآخرين ، فتترك اثرًا عميقًا وبصمة خالدة، أثرًا يجعلكخالدًا فيهم وبحياتهم ، وبصمة تجعلك لن تُنسى!
يعتقد البعض أنّ البنين في الزواج تخليدًا لهم، وان خلودهم وإستمرارية أسمائهم من خلال ذريتهم، فتسمعهم في التعازي أو في مناقشاتهم الحياتية يقولون: "من خلّف ما مات". ومع ذلك كلّهم يموتون ....!
ولكن لاموت لمن عاش مع المسيح علاقة الحبّ بصدق وإخلاص مسلمًا له حياته، ولا موت أيضًا لمن أدرك رسالته الإنسانية وعاش في سبيل الآخَرين ..... نعم. بشريًا سيطويه الموت وسيرحل عنّا وسيعود إلى التراب ..... لكنه سيعيش في عالم لن ينتهي بالموت ..... عالم الحضور الابدي في الأرض وفي الملكوت!
هناك من يتمنى أن يعيش مئة عام، ولكني أقول، ما فائدة العمر إن كانت حياتك مطوية على فراغ ، وإن وجودك في الحياة كعدمه..... وهناك من يعيش سنين قلال، لكنه عمل فيها وقدم الكثير للحياة وللاخرين ..... فالحياة ليس بطولها او قصرها، انما بعمق ونوعية وكثافة انتاجك فيها ....
لنتسأل الآن، وأنا أولكم : مالذي قدمناه للحياة ؟ وماهو الآثر الذي سنتركه بعدنا ؟ لنفكر مليًا بهذه التساؤلات.....
أخيرًا.....
أؤمن أن الإنسان ليس بداية ونهاية ، و لأنني من المؤمنين بالإنسان أقول: الإنسان خلود هو! ولانني اؤمن بالحياة فأقول: الحياة؛ خلود هي، والخلود هو وجود مستمر , فكل شي حياة هو وكل شي خلود هو أيضًا..... ولا موت لمن يعرف أن يجعل من حياته فعل عطاء في سبيل الحياة والاخرين.... إنه نوع من الوجود الدائم والمستمر .... فطوبى للخالدين....
منقول من موقع باقوفا
من كتاب ( ومضات للأب يوسف جزراوي
العراق _ كركوك
لندا قرانا